الكتابة المضادة للنمط والشكل

السجع وإيقاعه في كتابات معمر القذافي

 *****

 بقلم : محمد الخالدي

 

     أصبحت العودة إلى التراث واستلهامه من قبل المبدعين، روائيين وشعراء ومسرحيين شكلا من أشكال الحداثة وسمة بارزة من سماتها العديدة عدا عن كونها تعبيرا عن الانتماء وعنوانا  للأصالة وقد تزامنت هذه العودة مع الإحساس الحاد والفاجع بالخطر المحدق بكيان الأمة ووجودها فكان طبيعياً أن يلجأ الأدباء إلي التراث يسألونه ويحتمون به كنوع من الدفاع عن النفس والحفاظ علي الهوية المهددة .

      ولم يكتف الكتاب والشعراء باستحضار الرموز العربية من أبطال وشهداء ومتصوفة واستخدامهم كأقنعة، بل وظفوا، إلي جانب ذلك، أساليب وأنماطاً كتابية قديمة كالخبر والنص الصوفي والقصص الشعبي والأسطوري، مستخدمين لغة تراثية بعد أن شحنوها بطاقة جديدة وألبسوها لبوس العصر ويعتبر الأديب التونسي محمود المسعدي رائد هذا الاتجاه بلا منازع حتى عد صاحب مدرسة قائمة الذات.

       ورغم هذا الاهتمام المتزايد بالتراث الأدبي القديم ومحاولة توظيفه بما يتماشي وروح العصر وذلك بالكتابة علي منوال بعض أنماطه وأساليبه، فإن ما من أحد من الحداثيين استلهم، علي حد علمنا، المقامة أو وظف بعض خصائصها في نصوصه الإبداعية. والسبب في هذا العزوف لا تحتاج معرفته إلي كبير عناء:فالمقامة، كما عرفها النقاد ودارسو الأدب "هي قصة قصيرة يودعها الكاتب ما شاء من فكرة أدبية أو فلسفية أو خطرة وجدانية أو لمحة من لمحات الدعابة" (زكي مبارك، النشر الفني ج1، ص ص 197- 198)، أو هي: "مجرد حديث قصير حاول بديع الزمان الهمذاني، مؤسس المقامة الأول، أن يجعله مشوقاً فأجراه في شكل قصصي (شوقي ضيف، المقامة، ص8)، أو هي" حكاية عربية مسجعة، مثقلة بالمحسنات البيانية والفوائد اللغوية واللطائف الأدبية والأحاجي النحوية، قوامها حيلة يصطنعها البطل" (موسوعة المورد العربية).

     وغني عن القول إن هذا النمط من الكتابة لم يعد يستجيب لمتطلبات الحداثة، رغم استمراره حتى بداية القرن العشرين، بعد أن أحياه من جديد أحد أعلام النهضة العربية هو ناصيف اليازجي في مؤلفه "مجمع البحرين" ليحدو حدوه، فيما يعد محمد المويلحي في رائعته "حديث عيسي بن هشام" فالعصر لم يعد عصر بديع وزخرف أو محسنات بلاغي .

      لكن المقامة - وهذا ما يجب التأكيد عليه هنا - "شكل عربي خالص، متولد عن أصالة أرض الآباء ولا تحمل سماته أية علامة تدل علي تأثير أجنبي" (مصطفي الشكعة، بديع الزمان رائد القصة العربية القصيرة والمقالة الصحفية ص 213). وهي، علي عكس غيرها من الأجناس الأدبية "ليس لها معادلات في ثقافات أخري (عبد الفتاح كيليطو، المقامات، السرد والأنساق الثقافية، ترجمة عبد الكبير الشرقاوي، ص6.

     ومن هنا يصبح توظيف المقامة مغامرة حقيقية يتقحمها معمر القذافي، الكاتب و المبدع كخط مواز لمغامرته الفكرية والسياسية.

    وحتى نهيئ للحديث عن توظيف المقامة، وتحديداً بعض أركانها في عدد من نصوصه، لابد لنا من تناول، ولو بإيجاز، خصائص هذه الأعمال وما تنفرد به مقارنة بسواها.

      لقد كتب معمر القذافي القصة القصيرة الواقعية مثل "انتحار رائد الفضاء" وكتب القصة التي تقوم علي الغرائبية وأبرز مثال علي ذلك "العودة إلي جهنم"، كما كتب النص المفتوح والبيان السياسي الحماسي ووضع النظريات الإيديولوجية (الكتاب الأخضر)، لكن ما يجمع بين هذه الأنماط، علي اختلافها، هو طابعها التحريضي، فهي كتابة تحيد عن السائد والمألوف وتروم تفويضها والثورة عليهما، لتخلق شكلها الخاص ولغتها الخاصة وبالتالي قوانينها الخاصة.

      ولو تأملنا أعمال من نسميهم بأصحاب الأساليب في نثرنا العربي، قديمه وحيثه لتبين لنا أن هؤلاء إنما ابتدعوا ما ابتدعوا من خصائص أسلوبية أصبحت سمة تدل عليهم، بخروجهم عما سبقهم أو عاصرهم من أساليب وتجاوزها. وقد خلق القذافي أسلوبه الخاص بتخطيه للأشكال الموروثة والخروج عليها حتى وهو يوظفها كما فعل مع فن المقامة، وذلك نشدانا للحرية التي هي واحدة من أبرز سمات أدب القذافي وفكره. فالمقامة، كما هو معروف، فن من فنون النثر العربي له قواعده وأصوله التي حافظ عليها زمناً طويلاً. وهي تقوم علي أربعة أركان أو أضلاع لا تستغني عن أي منهما هي:الرواية والبطل (وقد يشتركان في الأحداث أحياناً)، السجع والمحسنات البديعية، معالجة المشكلات وهو ركن يتغير من مؤلف إلي آخر، ومن عصر إلي عصر ولا تعرف المقامة كمقامة إلا إذا التزمت السجع والمحسنات البديعية وإلا تحولت إلي نثر مرسل عادي.

       كيف تعامل الكاتب معمر القذافي مع فن المقامة ؟ وإلي أي مدي استفاد منه؟ ومتي يلجأ إليه؟

       قبل الإجابة عن هذه الأسئلة لابد من الإشارة إلي أن الكتابة لدي معمر القذافي تأتي علي سجيتها دون تكلف أو تخطيط مسبق، فالنص هو الذي يختار شكله. ومن هنا كانت استفادته من التراث تلقائية هي أيضاً. والدليل علي ذلك أن هناك نصوصاً خلت تماماً من السجع، لأن الموقف وطبيعة الموضوع لا يستدعيان ذلك. ومن أوجه التلقائية الأخرى هذه الغنائية الرقراقة التي تتسرب خلسة إلي ثنايا النص أحياناً، أي أنه يخلق غنائيته الخاصة فتأتي عفوية لتخفف من جموح الخطاب سيما إذا كان هذا الأخير ذا طابع سياسي. وهي صفة تكاد تكون ملازمة لكتابات القذافي. وهذا أمر طبيعي. فالرجل يمتح من تجربة سياسية ثرية ويصدر عن فكر ثوري له منطلقاته النظرية الثابتة ومرجعيته الضارية في عمق التاريخ العربي الإسلامي، بالإضافة إلي ما تشربه من التراث الإنساني. وتبعاً لذلك، فإن لهذه الكتابات رسالة تروم إبلاغها وهدفاً تتوخى تحقيقه. فهي مسكونة بأكثر من هم وتكشف عن أكثر من رؤية، وتعبر عن أكثر من موقف ولعل هذا هو السبب وراء تنوع الأسلوب من نص إلي آخر، وإن ظل الغرض واحداً: هو تعرية الواقع الفاسد وتفويض أركانه .

      وإجمالا فإن كتابات القائد معمر القذافي يمكن اعتبارها هجاء مريراً لهذا العصر وأهله، وفضحاً لمثالب حكامه وأنظمته وأحزابه، ومحاكمة لنظمه ومؤسساته القائمة علي الجور والطغيان وإدانة للإنسان وغطرسته وللمدينة العصرية التي قتلت في نفوس ساكنيها كل إحساس فتحولوا إلي أشخاص كالآلات، مسلوبي الإرادة، يعانون من العزلة القاتلة ويعيشون نهبا للقلق والخوف من المجهول ويمارسون النفاق والرياء. لكن الهجاء قد يتحول إلي نوع من الرثاء أحياناً عندما يبلغ حد الفجيعة كما في قصة "انتحار رائد الفضاء"، ذات البعد المضموني البعيد. فهذا الشخص الذي صمم كما تصمم الآلة ليعيش في الفضاء فقط، تلفظه الأرض عند عودته إليها لأنه لم يستطع التكيف مع ظروفها ومتطلباتها، إذ أنه غير مهيأ لذلك. فلم يكن أمامه سوي الإنتحار تخلصاً من محنته وغدابه... إنها مأساة الإنسان الذي وظف التكنولوجيا لغير صالح أبناء جلدته وإنما إشباعاً لغريزة التفوق علي الآخر وإذلاله.

      لقد تجلي موقف الكاتب معمر القذافي الرافض لفوضى العصر في ثنائية حكمت جل نصوصه تقريباً: ثنائية القرية والمدينة، الفضيلة والرذيلة، النعيم والجحيم، الراحة والقلق، الحرية والعبودية والثورة والموت. وقد بدا الإنسان ممزقاً بين قطبي هذه الثنائية فيزيد ذلك من حيرته. ولا بأس أن نعقد هنا مقارنة بين العهد العباسي الذي ظهر فيه بديع الزمان الهمذاني، مبتدع المقامات وبين العصر الحالي. ففي الأول اشتد بذخ الحكام ومن كان يسبح في فلكهم، فتعمقت الهوة بين الطبقة الغنية الحاكمة وبين سواد الشعب أو الدهماء وهي عبارة تعادل عبارة "الحقراء" التي استخدمها معمر القذافي. أما في الثاني، أي هذا العصر، فقد اتسعت الهوة بين البلدان الغنية والفقيرة وتباعدت الشقة بينهما، تحكمها جدلية عبثية إذ أصبح تقدم الأولي مرتبطاً بتخلف الثانية ونهب ثرواتها وإبقائها تابعة ذليلة تعيش علي المساعدات المشروطة.

       وعصر كهذا حري به أن يهجي. فلا غرابة إذن أن تكون السخرية اللاذعة والدعابة السوداء، بما فيها من قسوة وعنف من السمات البارزة في كتابات القذافي سواء القصصية منها أو النصوص المفتوحة الأخرى.

      كيف وظف القذافي كاتباً ومبدعاً، المقامة أو بعض أركانها لإدانة هذا العصر وهجائه علي اعتبار أن أصحاب المقامات كانوا، إلي جانب توخيهم الحذلقة اللغوية والمحسنات البديعية، يسخرون من عصرهم وناسهم بما في ذلك رجال الدين؟؟

قلنا إن أضلاع المقامة أربعة أولها الراوية والبطل. وباستثناء قصة "الموت" التي تدور حول شخصيتين محوريتين هما الموت والأب، فإن النصوص الأخرى التي لجأ فيها الكاتب إلي السجع خالية من وجود البطل أو الرواية. وإذا كان هناك من بطل فهو الخطاب نفسه وما يحمله من بعد فكري عميق، هو خلاصة تجارب حياتية وسياسية ثرية. وهكذا يكون المؤلف قد قوض الركن الأول الذي تقوم عليه المقاومة، مستعيضا عنه بالخطاب.

        الركن الثاني هو نقد المظاهر السلبية في المجتمع ومعالجة القضايا الاقتصادية والفقهية واللغوية والنحوية والأدبية. وقد اهتم المؤلف بما يعنيه من هذا الركن أي الجانب السياسي بمعناه الواسع، مهملاً النواحي الأخرى، فلم يهتم بعويص اللغة وشواردها وأوابدها، أو النحو ومشكلاته والاختلاف بين مدارسه، وإن أهتم، بشكل ساخر، بشيء من الفقه في نصيه:"دعاء الجمعة" و"انتهت الجمعة بدون دعاء". وطبيعي أن يكون الهم السياسي هو الطاغي في آثار رجل مفكر كمعمر القذافي. وقد لا نبالغ إذا قلنا إن كل حرف من كتاباته يتنفس السياسية، وكل جملة يخطها تحمل في ثناياها رؤية سياسية وإدانة لواقع سياسي أو سخرية من منظومة سياسية أو دعوة إلي أفق سياسي جديد والثورة علي كل المفاهيم التي تكبل الإنسان باسم السياسة.

      وكتابة كهذه لا يمكن إلا أن تكون ضد القانون. ولا أدل على ذلك من تلك اللافتة الحمراء علي غلاف "تحيا دولة الحقراء" التي تضمنت عبارة "منشورات ضد القانون". فالقانون لا يعد وكونه إفرازا للنظم السياسية القائمة التي يروم معمر القذافي، الكاتب المبدع والسياسي الثائر تقويضها ونفسها لإقامة مشروعه هو، هذا الحلم الذي مازال يراوده منذ وعيه المبكر.

       الركن الثالث في المقامة هو الموضوع، وهو يتغير، كما أسلفنا من مؤلف إلي آخر ومن عصر إلي عصر وقد تناول القذافي مواضيع كثيرة، لكن هذه المواضيع علي كثرتها تنضوي كلها تحت تيمة عريضة واحدة هي التيمة السياسية، وهي ثابتة لا تتغير. إن الكتابة هنا ليست ترفاً فكرياً أو هواية تمارس للترويح عن النفس أو تمريناً لتزجية الوقت أو مهنة الغرض منها الكسب المادي، وإنما هي موقف من كل ما يحيط بالمؤلف من قضايا وأوضاع مردية ومواجهة حادة له لا تقبل المهادنة أو المساومة. لذلك فهي كتابة تتسم بالحدة بل بالقسوة التي ما بعدها من قسوة أحياناً.

      وما يشفع لها قسوتها ويبررها هو صدقها. فهي مجردة من كل غاية أنانية وغايتها الوحيدة هي تعرية  مثالب هذا العصر وفضحها من أجل إصلاح أو إنقاذ ما يمكن إنقاذه من قيم ومبادئ هي في طريقها إلي الإضمحلال والتلاشي.

     بقي الركن الرابع، أي السجع، وقد تعمدنا تأجيله إلي الأخير لنفصل فيه بعض الشيء. فهذا الفن، كما يجمع علي ذلك دارسو الأدب، القدامى منهم والمحدثون قديم في التراث العربي، فقد كان حكماء العرب قبل الإسلام ينطقون سجعاً في خطبهم ومواعظهم، وهو ما يعرف بسجع الكهان. والدليل علي ذلك أن أعداء الرسول عدوه، في بداية أمره، من الكهان أو الشعراء. وقد نزلت في ذلك أكثر من آية قرآنية تنفي عنه هذه الصفة كقوله تعالي:"فذكر فما أنت بنعمة ربك بكاهن ولا مجنون"  (الطور 29). وقوله: "ما هو يقول شاعر قليلا ما تؤمنون ولا يقول كاهن قليلا ما تذكرون" (الحاقة 41-42).

      وقد نسبوه إلي الكهانة لخلطهم بين ما عهدوه من أقوال حكمائهم وبين ظاهر السور القرآنية التي جاءت مسجوعة.

      ولم يخل عصر من العصور العربية بعد ذلك من ظاهرة السجع. فقد قيل إن الرسول نفسه كان يستعمل السجع، كما كان الحلفاء الراشدون لا يستنكفون من استخدامه. ولنا خير دليل علي ذلك " نهج البلاغة " لعلي بن أبي طالب كرم اللّه وجهه، لكنه لم يتحول إلي صناعة محكمة لها أصولها وقوانينها إلا في العصر العباسي عندما بلغ أوجه مرتبطاً بالبديع، فتأنق في كتابة الرسائل وإنشاء الدواوين، ثم إستفحل بعد ذلك أي في القرن الرابع الهجري ليشمل أشكالاً أدبية وأنماطاً نثرية أخري كان أشهرها مقامات بديع الزمان الهمذاني، وقد انتشر هذا الأسلوب النثري المسجوع انتشاراً واسعاً وافتتن به كتاب تلك الحقبة وما تلاها من حقب حتى عصر النهضة، أي نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين.

     كما شمل السجع كتب الأدب والتاريخ والعلوم والأخبار بدءا بعناوينها، فراجت التسميات المسجعة لهذه الكتب من قبيل "يتيمة الدهر في محاسن أهل العصر "للثعالبي، و"وزهر الآداب وثمر الألباب، للحصري، و" انتباه الرواة علي أنباء النحاة " للقفطي و" نهاية الأرب في فنون الأدب، للنويري، و"صبح الأعشي في صناعة الانشا للقلقشندي. وقد يتكون العنوان أحياناً من ثلاثة فواصل فأكثر كما في "نفح الطيب من غصن الأندلس الرطب وذكر وزيرها لسان الدين بن الخطيب للمقري" أو "العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر" لابن خلدون. وقد استمرت ظاهرة العناوين المسجونة إلي عصر النهضة فطلع علينا أحمد فارس الشدياق بمؤلفيه:"الجاسوس علي القاموس"، الساق فيما هو الفارياق".

     وكان البعض يري أن السجع أعلي درجات الكلام، مستنداً في ذلك إلي القرآن الكريم والحديث. ومن الشروط التي وضعها لها المولعون به من الكتاب أن تكون ألفاظه رنانة، لاغثة ولا باردة، وأن تكون كل واحدة من الفقرتين المسجوعتين دالة علي معني غير الذي دلت عليه أختها علي حد قول بن الأثير في "المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر".  

      وقد أشار أبو حيان التوحيدي إلي هيمنة السجع في عصره بقوله:"لقد أصبح السجع في الكلام كالملح في الطعام". ولأن السجع من مميزات البلاغة الفطرية وإحدى الخصائص الأساسية للقرآن يجري فيه علي طريقة العرب الأوائل، إذ يخاطب القلب والوجدان باعتباره فناً من فنون القول والدعاء (زكي مبارك، ص65)، فقد استمر يغري الكتاب والخطباء والسياسيين حتى أيامنا هذه. فلا غر وإذن أن يلجأوا إليه كلما دعا المقام إلي ذلك. سيما أن هذا الفن إذا سلم من التكلف وبرئ من التعسف لم يكن في جميع صنوف الكلام أحسن منه كما قال أحد القدامى.

     أما السبب المهم الذي يحمل الكتاب علي استخدام السجع، في رأينا، فهو قدرته علي التوصيل. فالكلام المسجوع أسهل من حيث التلقي من الكلام المرسل علي عواهنه لاعتياد أذن الإنسان العربي عليه بحيث أصبح جزءاً لا يتجزأ من موروثه السمعي...

     في المحاولة التطبيقية التالية سنري كيف وظف الكاتب معمر القذافي هذا الفن العربي الموغل في القدم، وإلي أي مدي استفاد منه لإيصال ما يريد إيصاله بأيسر الطرق.  

     ينقسم السجع إلي ثلاثة أقسام : الأول أن يكون الفصلان أو الفقرتان متساويين لا يزيد أحدهما عن الآخر وهو أشرف أنواع السجع منزلة لما يمتاز به من اعتدال ، والقسم الثاني أن يكون الفصل الثاني أطول من الأول طولا لا يخرج عن الاعتدال ، والقسم الثالث أن يكون الفصل الثاني أقصر من الأول .

      أما القوافي فتنقسم، هي الأخرى، إلي ثلاثة  أنواع :القافية البسيطة وتتركب من عنصر حرفي واحد، والقافية ذات العنصرين الحرفيين، والقافية المتكونة من ثلاثة عناصر حروفية فأكثر مع الملاحظة أن الفواصل، أي الفقرات قد ترد موزونة ولكن غير مقفاة. 

     وكما سنري في الأمثلة التطبيقية التالية، فإن الكاتب تعامل مع كل هذه الأنواع دون تكلف. وقد استخدم السجع في سبعة نصوص من كتابه "القرية... القرية وانتحار رائد الفضاء" استخداما متفاوتاً هي :"المدينة"، القرية.. القرية.."، الفرار إلي جهنم"، عشبة الخلعة والشجرة الملعونة"، و"الموت"، و"دعاء الجمعة"، و"انتهت الجمعة دون دعاء".

       أما في "تحيا دولة الحقراء"، فقد استخدم السجع بكثرة ملفتة للانتباه في النص الأول الذي أعطي اسمه للكتاب، كما لجأ إليه في النص الثاني "الموت للعاجزين حتى الثورة" وفي النص الأخير "دعوة ملحة لتشكيل حزب مرة أخري".

      وتسهيلا لعملية المتابعة سنتناول المواضيع التي استخدم فيه السجع حسب تسلسل النصوص أولا في كتاب "القرية... القرية" ثم في كتاب "تحيا دولة الحقراء". ففي نص "المدينة" ورد زوجان من السجع هما :"تحشر النقيض مع النقيض و البعيد مع البعيد كما تشتت الأقرباء وتحشر الفرقاء" (ص10). في الفاصلتين الأولي والثانية قفي الكاتب بتكراره العبارة نفسها "نقيض" و"بعيد ". وقد جاءت الفاصلتان المذكورتان موزونتين وإن اختلفتا في القافية. أما الفاصلتان الأخريان فقد وردتا متساويتين من حيث عدد المقاطع، فيما جاءت القافية من حرفين ومثل هذه الفقرات هي الأكثر شيوعاً في المقامات وغيرها من النصوص المسجوعة الأخري. وفي نص "القرية... القرية..." تفاوتت الفواصل من حيث الطول، كما تنوعت القوافي. ففي قوله:"اهجروا والجو المزعج والمكان المقلق والموضع المقفل" (ص 33) هناك جناس غير تام يوهم بوجود قافية. فيما تساوت الألفاظ الثلاثة الأخيرة من الفواصل فجاءت موزونة، فنشأ عن هذا الاتفاق إيقاع محكم.

      ويستمر هذا الإيقاع المحكم في قوله:"إنها مكان النظر المحدود و الجهد المهدود" (ص33)، مع استخدام قافية مكونة من ثلاثة عناصر حروفية واتفاق تام في الوزن بين العبارات الأخيرة من كل فاصلة. (محدودة - مهدودة). لكن هذا النظام لا يلبث أن يختل إذ تتعدد الفقرات المسجوعة أكثر من المعتاد وتتفاوت من حيث عدد مقاطعها مع تغيير واضح في الإيقاع حتى ليقترب أحياناً من النثر المرسل، رغم تكرار القافية نفسها عدة مرات متتالية. فبعد فاصلتين اشتركتا في القافية وتفاوتتا في الطول هما:"الأفق الممتد والسقف السماوي المرفوع بلا عمد" (ص38)

      إن تواتر هذه القوافي وتفاوت عدد الأجزاء وعدم اتفاقها أحياناً في الوزن لا يترك للقارئ مهلة كافية ليستعيد أنفاسه، وهذا الاحتدام مرده ولا شك حماس المؤلف ورد فعله العنيف ضد المدينة حيث يكثر النفاق والرياء وتسود الأنانية ويفقد الإنسان هويته فيعيش غريباً بين أهله وذويه. ولكن الاحتدام لا يلبث أن يخفت فإذا الفواصل أقل لهاثاً وأقل طولاً وإذا بها متناغمة معتدلة من حيث كمية المقاطع: "أ{صفة مزحومة وشوارع مكظوظة ونواح مبرومة" (ص39). لقد أكسبت القافية المركبة من ثلاث حروف وهي أكثر القوافي نبلا هذه الأجزاء جرساً قوياً أخاذاً جعلها خفيفة الوقع، تأنس لها الأذن كما تعددت النبرات الأخاذة والإيقاع الرشيق في أجزاء الجوز التالي: "فما بالك بالوسق والغسق والفجر والشفق" (ص39). ومما زاد من موسيقية هاتين الفاصلتين هو الجناس غير التام بين العبارات الثلاث: "الوسق والغسق والشفق" فجاء نسقها الإيقاعي كأبهى ما يكون الإيقاع.

     أما في قصة "الفرار إلى جهنم" فقد تفاوتت الأجزاء المسجوعة تفاوتاً واضحاً من موضع إلى آخر ففي حين جاء الجزءان:"يحوطها سكون عجيب ويلفها وجوم رهيب" (ص71) متساويين من حيث عدد المقاطع ومتناظرين تناظراً تاماً، فإن الأجزاء التي تلتهما جاءت مضطربة مشوشة للتفاوت الكبير بينها من حيث الطول وانعدام التناظر بينها. ففي قوله "يصبح سلطاناً في الحين ويستطيع الجلوس على كرسي الملك دون إخفاء، كنا ننتظر توقفاً بعد عبارة الجلوس وتقفية هذا الجزء بما يتفق ولا مقطع" حين "لكن الكلام يسترسل فتطول هذه الفاصلة أكثر من اللازم، فكان لا بد لإيجاد نوع من التوازن، من إطالة الأجزاء الأخرى التي جاءت على النحو التالي : "تنحني من أمامه الملوك والرؤساء والأمراء، ويستطيع إحياء الطفلة معيتيقة وإحياء كل الشهدا " (ص74).

      لقد استخدم السجع هنا لا من أجل السجع وإنما لإبراز طابع السخرية اللاذع وهي سخرية حاضرة كما أشرنا في أغلب النصوص وملازمة لروح التمرد والثورة على مظاهر البشاعة والنفاق.  

    وعندما تتغير لهجة الخطاب من السخرية إلى ما يشبه التضرع تتقلص أطوال الأجزاء وهي هنا ذات نظام رباعي وفيها محاكاة مقصودة للدعاء المعروف "لبيك اللهم لبيك" فجاء إيقاعها رشيقاً رائقاً يذكرنا بروائع أرباب المقامات من أصحاب الأساليب الراقية: "إن حالنا لا يخفى عليك وعجزنا واضح بين يديك ولا ملجأ إلا إليك... لبيك لبيك" (ص74).

    ونصادف هذا النظام الرباعي مرة أخرى في نص "عشبة الخلعة والشجرة الملعونة" وهو هنا لا يقل حبكة وتناسقاً: "استمروا أيها الأحرار أناء الليل وأطراف النهار في قطع الأشجار ومحو الاخضرار" (ص85) ومما زاد هذه الفقرات رونقاً هو هذا التوازي في الزوج الأخير، وهنا يظهر جلياً دور الوزن في بناء الكلمات وهي خاصية انفردت بها اللغة العربية.

    وفي قصة "الموت" لجأ الكاتب إلى السجع في أكثر من موضع وبتقنيات مختلفة. ففي الزوج الأول بدت الفقرتان، على طولهما، متساويتين من حيث عدد المقاطع (عشرون لكل منها): "لم تمض ثلاث سنوات حتى عاود الموت الكرة، أملاً في الظفر بأبي هذه المرة" (ص98) ورغم هذا الطول فإن نسق الإيقاع في هاتين الفقرتين جاء سلساً على عكس ما رأينا في أمثلة أخرى سابقة.

    أما الطول المفرط في الفقرتين المواليتين: "هذا هو الموت الرهيب يمتطي الحصان الأسود في ساعة الغضب الشديد والجواد الأبيض في لحظة التحدي السافر العنيد" (ص101)، فإنه يوهمنا للوهلة الأولى بأنه قد أخل بالإيقاع لكن يكفي أن نتمعن جيداً في أجزائهما لنلاحظ وجود تناسق داخلي محكم إذ يمكن الوقوف عند عبارة "الرهيب" لتناظرها مع عبارة "الشديد" والوقوف عند عبارة الأسود لمقابلتها لعبارة "الأبيض" وعند عبارة "الشديد" لتناظرها مع عبارة العنيد. وقد أضفى هذا التناظر وهذا التقابل إيقاعاً خاصاً يساعد القارئ على الوقوف واستعادة نفسه.

      لكن هذا التعقيد في بناء الفقرات لا يلبث أن يختفي ليحل محله بناء بسيط، أي أقل طولاً وتنوعاً داخلياً وتنوعاً داخلياً كما في الزوج التالي: "ويقطع الأعقاب بدل الرقاب" (ص101)، وهو من أرقى أنواع السجع فالقافية المتكونة من ثلاثة حروف ذات النبرة العالية أكسبت هذا الزوج إيقاعية عالية، وقد استمرت هذه الإيقاعية المنبرة في الزوج التالي: "وبعد المجابهة في وضح النهار، هاهو ( الموت) يتخنس من وراء ستار" (ص101)، مع تساوي فقرتيه ( 1 مقطعاً لكل منهما).

     وفي موضع آخر من نص "دعاء الجمعة.." استخدم المؤلف صيغة الدعاء من جديد ولكن بطريقة تنم عن سخرية مبطنة ومرارة أليمة، والدعاء، كما نعرف، عادة ما يكون مسجوعاً ليسهل إلقاؤه وحفظه: "اللهم إن ضعفنا لا يخفى عليك وأمرنا بين يديك، وإنك تعلم بأننا لا نملك خاتم شبيك لبيك، وتعلم أن اليهود والنصارى صعدوا بصواريخهم وأقمارهم إليك". (ص 151-152) لقد تكررت القافية نفسها أربع مرات في هذه الفقرات بالإضافة إلى استخدام الموازنة في إحداها وهي هنا بين عبارتي "سبيك لبيك".

    وتتكرر صيغة الدعاء مرة ثالثة وكأنها تلح على المؤلف، وقد استخدم هنا عبارة واحدة كقافية تتردد عند نهاية كل فقرة للتأكيد على الفكرة: "اللهم أهد المسلمين إلى طريق الحق وجاهداهم في بعضهم بعضا، واجعلهم يكفر بعضهم بعضا ويهجر بعضهم بعضا ويقتل بعضهم بعضا" (ص153) لقد خلق تكرار عبارة "بعضهم بعضا" جرساً إيقاعياً يوحي بالتشظي والاصطدام ويختتم هذا الدعاء بزوج تفاوتت فقرتاه طولاً: "إنك مجيب، فوحدنا تحت راية واشنطن وتل أبيب".

     النص الأخير من كتاب: "القرية.. القرية وانتحار رائد الفضاء" الذي تضمن مقاطع مسجوعة "وانتهت صلاة الجمعة دون دعاء" وكما رأينا ذلك في مواضع سابقة، استخدم المؤلف منها قافية واحدة مرات متتالية مع موازنة واحدة، وقد تفاوتت الفقرات تفاوتاً بيناً من حيث الطول، ولعل ما يمكن ملاحظته هنا هو غياب الجرس الموسيقي رغم وجود القافية التي بدت خافتة لانعدام النبرة فيها، بالإضافة إلى التقريرية التي أضعفت بدورها الإيقاع إلى حد كبير علماً أنها تقريرية متعمدة أي مقصودة لذاتها: "فنحن في انتظار الأبحاث العلمية للأحزاب الإسلامية المستوردة من المجوسية والباطنية، وعلينا أن نساعدهم بإعادة طبع كتب ابن تيمية" (ص169).

      وفي موضع آخر من هذا النص وظف الكاتب السجع لغاية لا تخفى على القارئ هي السخرية من أصحاب العقول المتحجرة الذين سجنوا أنفسهم في الماضي، ضاربين حولهم جداراً سميكاً من التخلف يصعب اختراقه ولإبراز تخلف هذه الفئة من الناس إلى عصر غير عصرهم، ينسب المؤلف إليهم عناوين كتب مسجوعة على الطريقة القديمة حول مواضيع ما أنزل الله بها من سلطان من قبيل: "رأى الدين في لقاء الزوجين بعد رأيه في التدخين"، "أكثر من قول في تعدد زوجات الرسول" الغنة في نكاح أهل الجنة"، "أكل القديد حسب بن الوليد"، (ص170).

     لقد أشرنا إلى كل مواضع السجع الواردة في "القرية... القرية وانتحار رائد الفضاء" إلا ما فاتنا سهواً وبينا طرائق استخدامه والغرض منه إن وجد وعند تناولنا للنصوص الواردة في "تحيا دولة الحقراء"، ارتأينا ألا نكرر الملاحظات التي أوردناها أعلاه، وأن نركز على ظاهرة واحدة لفتت انتباهنا، فالنصوص التي ضمها هذا الكتيب فيها التداعيات الشعرية والغنائية الجياشة ما يجعلها متفردة حقاً ومصدر هذه الغنائية هو هذا الحماس المتدفق الذي طغى عليها، فجمحت اللغة حتى ليصعب ترويضها أو كبح جماحها، فإذا الكلمات في لهاث محموم تريد اللحاق ببعضها البعض فلا تدرك بغيتها. وهذا التوتر هو دليل على قلق المبدع، وقلق السياسي والمفكر وقلق الثائر صاحب الأحلام الكبيرة والمشاريع الطموحة، وقلق كهذا يصعب التعبير عنه بلغة متزنة هادئة، لذلك لجأ الكاتب للتخفيف من جيشانها، إلى السجع دون أن يحترم قوانينه هذه المرة فجاءت الجمل مقفاة تارة بإعادة العبارة نفسها في قوله: "تصمت البحار تحية للحقراء، وتضرب الأمواج تصفيقاً للحقراء، تسكن الرياح إفساحا لموكب انتصار الحقراء، تهب الزوابع رقصاً للحقراء، يزمجر الرعد تسبيحاً للإلاه الذي نصر الحقراء، يجرد البرق سيفه من غمده تحية الحقراء" (ص11) وتارة مقفاة قافية عادية: "لا أريدكم أن تكونوا سلاطين أيها الحقراء، لأن ذلك يسيء إليكم يصمكم بوصمة دجل الجهلاء... أنتم لن تتجبروا فلغيركم الحيلاء... وأنتم لن تتكبروا فللشياطين الكبرياء (ص11-12) إن هذه الوحدة الإيقاعية الأربع فقرات وقد احتوت في آخرها على تناظر رشيق جاء بمثابة القفلة بعد ذلك التدفق الإيقاعي تمثل عبارتي "تجبروا" و "تكبروا" بما فيها من تماثل في الجرس والوزن.

       وقد يتنبه الكاتب أحياناً إلى طول الوحدات الإيقاعية ذات القافية الموحدة فيقطع هذا الطول بأن يأتي بزوج من قافية مختلفة للحد من ذلك السيل المتدفق من الكلمات والجمل اللاهثة.

    إن اللهجة الحماسية ذات الغنائية العالية جعلت الكاتب ينساق وراء دفق الجمل فطالت الوحدات الإيقاعية أكثر من اللازم في هذا النص وفيما يلي مثالان آخران على هذه الإطالة: "مثلكم يرى ما لا يرون... ويمشي نحو ما لا يمشون.. ويتكلم بما لا يتكلمون... ويأكل ما لا يأكلون... ويشرب ما لا يشربون... ويلبس مالا يلبسون وينام فيها ولا ينامون... ويحلم ما يحلمون.." (ص13) "لهذا سموكم الحقراء لأنكم فقراء... لأنكم مساكين وسذج وبلهاء... لأنكم لا تجيدون الرقص المؤجر والتمثيل والرياء، ولأنهم أجبروكم – لكي تبقوا على قيد الحياة – على أن ترقصوا بلا حياء، وأن تغنوا كالببغاء وأن تمثلوا دور الشياطين في ثياب الأتقياء".

    إن ما يشفع لطول هذه الوحدات الإيقاعية هو ما تزخر به من نبرات تساعد القارئ على التقاط أنفاسه وقد خلق تواتر القافية الموحدة لعدة مرات، على عكس ما هو معهود في فن السجع، إيقاعاً خاصاً تكاد تنفرد به عن سواها من النصوص.

      لقد لاحظنا ونحن نطالع آثار الأديب معمر القذافي، ظاهرة بدت لنا غريبة هي استخدامه للسجع بوتيرة ملفتة للانتباه، وهو ما لم نكن نتوقعه لانصراف الكتاب في العصر الحديث عن هذا الفن فحاولنا من خلال هذه المداخلة، أن نكتشف عن هذا الجانب، فبينا بعد الحديث عن خصائص الكتابة لدى المحتفى به وتنوعها والتعريف بالسجع وقوانينه، كيف وظف هذا الفن تارة للتعبير عن السخرية اللاذعة والتهكم المرير من عصرنا وناسه وتارة لكبح جماح الغنائية المتدفقة كما في نص  تحيا دولة الحقراء"، وأخرى للحد من تدفق اللغة وجيشانها كما بينا الحالات التي خرج فيها عن قوانين السجع المتعارف عليها وتفويضه لأركانه من ازدواج وتقابل وقافية ومراعاة التعادل عددياً بين فقرتي السجعة ومراعاة طول الفقرات وتوازن أي تركيب الفقرات من كلمات متماثلة الوزن ومتناظرة في التراكيب ، معتمدين في ذلك كله، على أمثلة تطبيقية استخرجناها من نصوص عديدة.

     ولا شك أن هذه النصوص لم تكشف بعد عن كل أسرارها وخفاياها، وحسبنا أننا نحاول إزاحة الستار عن جانب من جوانبها نزعم أنه لم يسبق التعرض إليه.

 

المصادر والمراجع :

 -       المسعدي ، محمود ، الإيقاع في السجع العربي ، محاولة تحليل وتحديد ، مؤسسات بن عبد الله ، تونس 1996 .

-       ضيف ، شوقي ، المقامة ، دار المعارف ، القاهرة 1964 .

-        الفن ومذاهبه في النثر العربي ، دار المعارف ، القااهرة 1972 .

-       أبو علي ، نبيل ، تطور النثر ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، القاهرة ، 1993 .

-       مبارك زكي ، النثر الفني ، دار الكتب المصرية ، 1934 .

-       الشكعة ، مصطفى بديع الزمان ، مكتبة القاهرة الحديثة ، 1958 .

-       كيليطو ، عبد الفتاح المقامات ، السرد والأنساق الثقافية ، ترجمة عبد الكبير الشرقاوي ، دارتو بقال للنشر ، 1993 .

-       موسوعة المورد العربي ، مادة مقامة .

 

 

جائزة القذافي الدولية لحقوق الإنسان - جميع الحقوق محفوظة   © 2005

جائزة القذافي الدولية لحقوق الإنسان